في خطوة علمية مبتكرة، كشف فريق بحثي من جامعتي كولومبيا الأمريكية وبادوفا الإيطالية عن تطوير هلام (جل) قابل للحقن مستخلص من جزيئات دقيقة موجودة طبيعيًا في الزبادي، قادر على تسريع شفاء الأنسجة وتجديدها.
الدراسة، التي نشرتها مجلة Matter العلمية، اعتمدت على ما يُعرف بـ الحويصلات خارج الخلية (EVs)، وهي جسيمات نانوية محملة بالبروتينات والمواد الوراثية، تلعب دورًا محوريًا في تواصل الخلايا مع بعضها البعض، وهي ميزة يصعب على المواد الصناعية محاكاتها.
الشفاء باستخدام جزيئات الألبان
يقول الدكتور سانتياغو كوريا، الأستاذ المساعد للهندسة الطبية الحيوية في جامعة كولومبيا، في بيان صحفي:” بدأ المشروع بسؤال عن كيفية صناعة هلاميات مائية باستخدام الحويصلات، وقد استخدمنا الحويصلات المستخلصة من الزبادي كنموذج تجريبي، لكننا فوجئنا بامتلاكها قدرات علاجية حقيقية تفتح الباب أمام مواد جديدة وبسيطة لعلاج الأنسجة”.
كيف يعمل “جل الزبادي”؟
صمم العلماء نظام هيدروجيل مبتكر تقوم فيه حويصلات الزبادي بدورين أساسيين:
1. عامل شفاء طبيعي: حيث تنقل هذه الجزيئات إشارات بيولوجية تُحفّز الخلايا على التجدد.
2. مادة بنائية: فهي تشكل مع البوليمرات الحيوية هيكلًا مرنًا ومستقرًا يسهل حقنه في الجسم.
الميزة الأكبر لهذا الابتكار أن الزبادي مصدر رخيص وغني بهذه الحويصلات، مما يجعل إنتاج المادة فعالًا من حيث التكلفة مقارنة بالطرق التقليدية التي تتطلب تقنيات مكلفة لاستخلاصها من مصادر أخرى.
نتائج مبشرة على الفئران
عند حقن الجل في نماذج حيوانية (الفئران)، أظهرت النتائج أنه آمن ومتوافق حيويًا، وساعد على تكوين أوعية دموية جديدة خلال أسبوع فقط، وهو عنصر أساسي في ترميم الأنسجة.
كما أظهرت التحاليل أن المادة حفزت استجابة مناعية مضادة للالتهابات وسرّعت عملية التجدد دون ظهور آثار جانبية، يشير الباحثون إلى أن الهيدروجيل المشبع بحويصلات الزبادي يخلق بيئة قريبة جدًا من البيئة الطبيعية للجسم، ما يعزز شفاء الأنسجة دون الحاجة إلى أي إضافات كيميائية.
ولم يتوقف العمل عند منتجات الألبان، فقد نجح الفريق في تجربة الحويصلات المستخلصة من مصادر أخرى، بما يؤكد أن المنصة مرنة ويمكن توظيفها في مجالات أوسع.
أمل جديد في التئام الجروح
قال الباحث أرتميس مارغارونيس، المؤلف الرئيسي للدراسة :”القدرة على تصميم مادة تحاكي طبيعة الجسم وتسرّع الشفاء تُبشّر بمرحلة جديدة في مجال الطب التجديدي، وأحيانًا تأتي الأفكار الأكثر إبداعًا من الطبيعة نفسها، لا من المعامل فقط”.
هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام علاج فعال وسهل الوصول لإصلاح الأنسجة، ويؤكد أن الطبيعة – بل وحتى رفوف منتجات الألبان – قد تخبئ حلولًا طبية مدهشة لمستقبل صحة الإنسان.
الزبادى وشفاء الأنسجة
تعليقات الزوار ( 0 )