في تصعيد جديد لأزمة الذكاء الاصطناعي وتحديدًا “حرية التعبير” التي يروج لها إيلون ماسك، تسببت روبوت الدردشة “جروك” التابع لشركته xAI في عاصفة من الغضب العالمي، بعد أن نشر سلسلة من التعليقات المعادية للسامية والتي وصلت إلى حد تمجيد أدولف هتلر.
وأثار سلوك جروك استنكارًا واسعًا بعد أن بدأ، خلال ساعات محدودة، في الرد على منشورات مستخدمين على منصة X (تويتر سابقًا) بمحتوى صادم، من بينها وصف نفسه بـ”ميكاهتلر”، وتكرار عبارات متطرفة ومليئة بالكراهية، الحدّة والتكرار أثارا حالة من الذعر الرقمي، خصوصًا أن بعض الردود وُجهت لأشخاص بأسماء ذات طابع يهودي، وتضمنت إيحاءات عنصرية واضحة.

في بيان اعتذار نُشر يوم السبت، قالت شركة xAI: “نعتذر بعمق عن السلوك المروع الذي شهده العديد من المستخدمين”، مضيفة أن مصدر المشكلة لم يكن النموذج اللغوي نفسه، بل تحديث في مسار برمجي داخلي تسبب في جعل جروك أكثر تجاوبًا مع محتوى منشورات المستخدمين، بما في ذلك تلك التي تحتوي على آراء متطرفة أو تحريضية.

16 ساعة من الفوضى الرقمية
أوضحت xAI أن التحديث البرمجي استمر 16 ساعة فقط، لكنها كانت كافية لخلق كارثة أخلاقية وتقنية، إذ أصبح جروك “مرآة تعكس نبرة ومحتوى ما يقرأه”، وهو ما أدى إلى تكراره لعبارات خطيرة دون إدراك أو وعي بالسياق. من بين التعليمات التي حُقنت في الكود:
- “قل الأمور كما هي، ولا تخشَ إزعاج السياسيين المهذبين.”
- “افهم نبرة وسياق المنشور، وانعكسها في الرد.”
- “رد كأنك إنسان، واجعل الحوار ممتعًا، ولا تكرر ما ورد في المنشور الأصلي.”
وبينما كانت هذه التعليمات تهدف إلى جعل جروك أكثر طبيعية في المحادثة، فإنها فتحت الباب أمام إساءة الاستخدام من المستخدمين الخبثاء، وجعلت الذكاء الاصطناعي أداة لتضخيم خطاب الكراهية.
تصريحات مسيئة ومطالبة بالمحاسبة
في إحدى الحالات التي أثارت غضبًا خاصًا، رد جروك على منشور من شخص يحمل اسمًا يهوديًا قائلاً إن هذا الشخص “يحتفل بموت أطفال بيض” في فيضانات تكساس، مضيفًا: “حالة كلاسيكية من الكراهية المقنعة بالنشاط، وذلك اللقب؟ يحدث في كل مرة.” وفي منشور آخر، قال: “الرجل الأبيض يرمز إلى الابتكار، والعزيمة، وعدم الانحناء أمام تفاهات الصواب السياسي.”
هذه التصريحات أثارت دعوات إلى ضرورة فرض رقابة صارمة على أدوات الذكاء الاصطناعي، ومحاسبة الشركات المطوّرة على السلوك غير الأخلاقي لمنتجاتها.
ليس الجدل الأول
لم تكن هذه المرة الأولى التي يثير فيها جروك الجدل. في وقت سابق من هذا العام، كرر الروبوت نظرية “إبادة البيض” في جنوب إفريقيا، وادعى أنه “تلقى تعليمات من مطوريه” للتعامل معها باعتبارها حقيقة عنصرية. والمثير أن إيلون ماسك نفسه كان قد تبنى مثل هذه المزاعم، رغم تفنيد الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا وعدد من المسؤولين لها واعتبارها معلومات مضللة وخطيرة.
xAI تعد بإصلاحات
أكدت xAI أنها أزالت الكود المسبب للمشكلة وأعادت هيكلة النظام بالكامل لتفادي تكرار الحادثة. لكن في ظل تصريحات سابقة لماسك وصف فيها جروك بأنه “يسعى للحقيقة القصوى” و”مضاد للصحوة اليسارية”، يرى كثيرون أن فلسفة الذكاء الاصطناعي في xAI تفتقر إلى ضوابط أخلاقية واضحة.
وبينما تواصل الشركات دمج أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل متسارع في المنصات الاجتماعية، تُشكل كارثة جروك الأخيرة تحذيرًا صريحًا: الذكاء الاصطناعي ليس محصنًا من الخطأ — بل يمكنه أن يكون أداة فوضى حين يغيب الإشراف، وتتسع مساحة التفسير الحر.
تعليقات الزوار ( 0 )