في إنجاز فلكي لافت، التقط تلسكوب شمسي مصغّر تابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، ويُعرف باسم CODEX (تجربة التشخيص الكوروني)، أول صور على الإطلاق تكشف التغيرات الدقيقة وغير المرئية سابقًا في الطبقة الخارجية للشمس، والمعروفة باسم الهالة الشمسية (Corona).
وقد تم إطلاق CODEX إلى محطة الفضاء الدولية عبر كبسولة سبيس إكس دراغون في 5 نوفمبر 2024، وتم تثبيته بواسطة الذراع الآلي الكندي Canadarm2 في 9 نوفمبر 2025.
تصميم مبتكر يحاكى الكسوف الكلي
CODEX يعمل بطريقة شبيهة بجهاز الكوروناجراف، حيث يحجب قرص الشمس الساطع للسماح بتصوير الهالة الباهتة، تمامًا كما يحدث خلال الكسوف الكلي. ويتميز التصميم الفريد للتلسكوب بقرص حجب (بحجم كرة تنس) مثبت بثلاثة أذرع معدنية، ما يتيح التقاط صور واضحة للهالة الخارجية.
وقد تم الكشف عن أول صور علمية في 10 يونيو 2025 خلال اجتماع الجمعية الفلكية الأمريكية في ألاسكا، حيث أظهرت لقطات دقيقة لبُنى الهالة الشمسية مثل التيارات الكورونية، بالإضافة إلى تقلبات حرارية حدثت على مدى عدة أيام.
قياس غير مسبوق للرياح الشمسية
يُعد CODEX التلسكوب الأول من نوعه القادر على قياس سرعة ودرجة حرارة الرياح الشمسية في الوقت نفسه، وهي جُسيمات فائقة السخونة تنبعث باستمرار من الشمس. وباستخدام أربعة مرشحات ضيقة النطاق، يُستخدم اثنان منها لتحديد درجة الحرارة، واثنان لقياس السرعة، يمكن للعلماء مقارنة التوهجات وتحليل سلوك الرياح الشمسية، والتي تصل حرارتها إلى 1.8 مليون درجة فهرنهايت.
خطوة مهمة لفهم “الطقس الفضائي”
تساعد بيانات CODEX العلماء على التنبؤ بالعواصف الجيومغناطيسية الناتجة عن الثقوب الكورونية، وهي اضطرابات تؤثر بشكل مباشر على الأرض، وقد سجلت العواصف يومي 13 يونيو و25 يونيو 2025 ظواهر شفق قطبي ملحوظة. ويساهم فهم ديناميكيات الرياح الشمسية في التقليل من تأثير هذه العواصف على الأقمار الصناعية والاتصالات الأرضية.
توقيت مثالي في ذروة النشاط الشمسي
جاء تشغيل CODEX في فترة حساسة من دورة الشمس الحالية، حيث تدخل في ذروة النشاط المغناطيسي أو ما يُعرف بـ”الحد الأقصى الشمسي”. ويُتوقع أن يوفر التلسكوب بيانات حاسمة عن كيفية تغير المجال المغناطيسي للشمس، ما قد يغير فهم العلماء لتقلبات “الطقس الفضائي”.
المستقبل: نحو إنذار مبكر للعواصف الشمسية
يُمثل CODEX نقطة تحوّل في مراقبة الشمس من المدار الفضائي، ومن خلال قدرته على التقاط صور دقيقة للهالة وتحليل الرياح الشمسية بشكل لحظي، فإنه يُمهّد الطريق نحو نظام إنذار مبكر للعواصف الشمسية، وهو أمر بالغ الأهمية في عصر تتزايد فيه الاعتمادية على الأقمار الصناعية وشبكات الاتصالات العالمية.
تعليقات الزوار ( 0 )