قال بعض الباحثين إن تقنية جديدة من العلاج للأمراض المناعية، تعتمد على استهداف الجزء المصاب فقط من الجهاز المناعى، بما يعرف بتقنية “اللقاحات العكسية”، يمكن أن تكون متاحة خلال الخمس سنوات المقبلة.
ووفقا لصحيفة جارديان تصيب أمراض المناعة الذاتية ما يصل إلى 800 مليون شخص حول العالم، أى ما يعادل واحد من كل عشرة أشخاص تقريبًا، مثل أمراض التصلب المتعدد والذئبة الحمراء والسكر من النوع الأول والتهاب المفاصل الروماتويدى، وتمتلك جميع هذه الأمراض سمة مشتركة، وهى انقلاب جهاز المناعة فى الجسم ضد نفسه.
وتهدف العلاجات الحالية إلى قمع هذه الاستجابة، وتقليص الجهاز المناعي بأكمله، وفقا للتقنيات العلاجية المتاحة حاليا، يعرض المرضى للإصابة بأمراض أخرى ويتطلب في كثير من الأحيان رعاية يومية.
ما اللقاحات العكسية؟
يطور الباحثون نهجًا جديدًا يستهدف فقط الجزء المصاب من الجهاز المناعي، وتعرف هذه العلاجات باسم “اللقاحات العكسية”، لأنها تثبط جزءًا محددا من الجهاز المناعي، بدلا من تعزيزه، كما تفعل اللقاحات الحالية.
ويقول ستيفن ميلر، عالم المناعة بجامعة نورث وسترن، إن أول دراسة تثبت فعالية اللقاحات العكسية لدى البشر، تناولت مرض الاضطرابات الهضمية، حيث يهاجم الجهاز المناعي بطانة الأمعاء عند اكتشافه وجود الجلوتين، وهو بروتين موجود فى القمح والحبوب الأخرى، على مدار أسبوعين، تناول 33 مريضًا بالداء البطنى “السيلياك”، اللقاح المضاد، بينما تلقى النصف الآخر دواءً وهميًا، بعد أسبوعين، فحص الباحثون بطانة أمعاء هؤلاء المرضى، ووجدوا أن مجموعة اللقاح المضاد لم تصب بأي ضرر، بينما أظهرت مجموعة الدواء الوهمي تفاقما ملحوظًا في الأعراض.
وتعتمد الفكرة الأساسية للقاحات العكسية على استخدام جسيمات نانوية اصطناعية معينة، مرتبطة ببروتينات محددة مرتبطة بالأمراض، تُسمى المستضدات، كرسائل موجهة لإعادة تدريب الجهاز المناعي، حيث تحاكي هذه الجسيمات النانوية موت الخلايا البشرية، وهي عملية طبيعية مستمرة، ورغم أن هذه الخلايا الميتة “غريبة”، إلا أن الجهاز المناعي يدرك أهمية عدم مهاجمتها، فيتعلم الجهاز المناعي تجاهل كل من الجسيمات النانوية والبروتينات المرتبطة بها، ويتوقف عن مهاجمة الجسم.
مزايا اللقاحات العكسية
ومن أهم مزايا اللقاحات العكسية تنوعها الواسع، حيث يبدو أن هذا النهج فعال في علاج مجموعة واسعة من أمراض المناعة الذاتية، ويثبت نجاحه في الحيوانات باستمرار.
ويقول معظم الباحثين إن التأثير سيستمر على الأرجح لأشهر أو ربما لفترة أطول، على غرار النمط الملاحظ في العديد من اللقاحات غير العكسية، وحاليًا تتطلب معظم علاجات أمراض المناعة الذاتية جلسات علاجية أكثر تكرارًا، وغالبًا ما تكون عبارة عن نظام يومي من الأدوية.
بالإضافة إلى ذلك يبدو أن للقاحات العكسية فوائد تتجاوز المناعة الذاتية، فقد تجدي نفعًا في علاج الحساسية، التي تنطوي أيضًا على رد فعل مبالغ فيه من الجهاز المناعي، تجاه محفِز غذائي أو بيئي بدلًا من الجسم نفسه.
ويقدر بعض العلماء أن اللقاحات العكسية الأولى قد تكون متاحة للاستخدام خلال ثلاث إلى خمس سنوات، فى حين يقدر البعض أن تلك التقنية ستستغرق 10 سنوات حتى تكون متاحة تماما.
تعليقات الزوار ( 0 )