يصدر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء اليوم الثلاثاء العدد رقم 109 من المجلة النصف سنوية “السكان – بحوث ودراسات” حيث يشمل هذا العدد عدة دراسات تحليلية منها المحددات الاجتماعية والاقتصادية والديموجرافيه للحاجة غير الملباه، ومستويات واتجاهات الوفيات في مصر في ضوء اهداف التنمية المستدامة 2030، ورصد اتجاهات ومعتقدات الاسرة المصرية نحو ختان الاناث عام 2021، ودور الأسرة والمجتمع في مواجهة صعوبات التعلم وبعض طرق المعالجة.
وتناولت الدراسة عرض لأهداف وأهم نتائج هذه الدراسات، ويُعد تنظيم الأسرة أحد الركائز الأساسية في تحسين الصحة العامة وتعزيز التنمية المستدامة، وتعد مؤشرات الحاجة غير الملباه لتنظيم الأسرة من المؤشرات الأساسية التي تعكس فجوة بين الحاجة الفعلية لاستخدام وسائل تنظيم الأسرة وبين التغطية الفعلية لهذه الاحتياجات في المجتمع.
وتأتي أهمية الدراسة في كونها تتطرق إلى موضوع في غاية الأهمية وهو تحديد العوامل الديموجرافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من العوامل الكامنة وراء الحاجة غير الملباه لتنظيم الاسرة بين السيدات المتزوجات اللاتي تتراوح أعمارهن بين (15 – 49) عاماً في مصر، باستخدام المنهج الوصفي والتحليلي والذي يتلخص في إجراء (نموذج الانحدار اللوجيستي الثنائي) ،حيث تمثل الحاجة غير الملباه لدى السيدة هو المتغير التابع لهذا النموذج ويأخذ القيمة (1) في حالة السيدة التي لديها حاجة غير ملباه والفئة الثانية تأخد القيمة (0) في حالة السيدة ليس لديها حاجة غير ملباه.
أظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة بين مستوى تعليم المرأة وحاجتها غير الملباه من وسائل تنظيم الأسرة، فكلما ارتفع مستوى تعليم المرأة، انخفضت تفضيلاتها الإنـجابية في تحديد عدد الأطفال، وقد يرجع ذلك لأن المرأة المتعلمة أكثر وعياً بضرورة تنظيم الأسرة وقدرتها على تفعيل تفضيلاتها الإنـجابية مقارنة بالسيدات غير المتعلمات.
وكلما زاد خوف السيدات من الاثار الجانبية لوسائل تنظيم الاسرة كلما زادت فرصتهم في أن يكون لديهن حاجة غير ملباه بالمقارنة بالسيدات التي ليس لديهن خوف من الاثار الجانبية، وتتمتع السيدات التي تتعرض لحملات التوعية بوسائل تنظيم الاسرة في أن يكون لديهن فرصة أقل لان يكون لديهن حاجة غير ملباه بالمقارنة بالسيدات التي لم تتعرض لحملات التوعية، كما تتمتع السيدات التي تعمل بفرصة أقل في أن يكون لديهن حاجة غير ملباه بالمقارنة بالسيدات التي لا تعمل.
وتزداد فرصة السيدات قاطنين ريف الوجه القبلي ومحافظات الحدود في أن يكون لديهن حاجة غير ملباه بالمقارنة بالسيدات قاطني المحافظات الحضرية.
وفيما يتعلق بمستويات واتجاهات الوفيات في مصر في ضوء اهداف التنمية المستدامة 2030، فيعدّ معدل وفيات الأطفال الرضع مؤشراً له دلالته على درجة التقدم الاجتماعي والاقتصادي الذي حققه المجتمع الذي ينتمي اليه هؤلاء السكان.
وتطرقت الدراسة لمستويات واتجاهات الوفيات في مصر بهدف التعرف على مدي الاختلافات في مستويات الوفيات، معرفة الأسباب المتعلقة بالوفيات وذلك خلال الفترة (2020-2021)، رصد مؤشرات الوفيات والمؤشرات الصحية في ضوء أهداف التنمية المستدامة 2030، التعرف على أهم احصاءات الوفيات نتيجة جائحة كورونا خلال عامي (2021،2020).
وتتلخص أهم النتائج في أن القاهرة هي أعلى محافظه في معدل وفيات الأطفال الرضع عام 2020 فبلغت قيمة المعدل 23.6 حالة وفاه لكل ألف مولود حي (26.6 للذكور، 20.4 للإناث)، وتأتي أمراض الجهاز التنفسي في مقدمة الأسباب المؤدية لوفيات الرضع في عامي (2020 و2021) فكانت النسبة 26.8% و28.7% على التوالي، وسجلت محافظة بورسعيد أقل معدل وفيات للأطفال دون سن الخامسة بنحو 16.8 في الألف وانعكس ذلك أيضا على الذكور والإناث ليسجل كل منهما (19.0، 14.4) في الألف.
وانخفض معدل كثافة الاطباء البشريين من 13.5 طبيب لكل 10 ألاف نسمة عام 2017 إلى 12.1 طبيب لكل 10 ألاف نسمة من السكان عام 2020، ليرتفع المعدل مرة أخرى ليبلغ 12.8 طبيب لكل 10 ألاف نسمة من السكان عام 2021.
وأوضحت الدراسة أن ختان الإناث يُعد من القضايا الاجتماعية والثقافية المثيرة للجدل حيث تتباين المواقف والاتجاهات نحو هذه الممارسة بناءً على الخلفيات الثقافية والدينية والتعليمية للأسرة المصرية، وتهدف الدراسة إلى تحليل المعتقدات والاتجاهات المتعلقة بختان الإناث، وتأثير العوامل الاجتماعية والثقافية على هذه الظاهرة. من خلال استخدام منهجية تحليل وصفي مقارن لتقييم آراء واتجاهات أفراد الاسرة المصرية التي تشمل السيدات في العمر(15-49سنة) واللاتي سبق لهن الزواج والشباب من الجنسين في العمر (15-29سنة) لم يسبق لهم الزواج باعتبارهم أمهات واباء المستقبل.
وبالإضافة إلى تقديم رؤى تفصيلية يمكن أن تساهم في تطوير سياسات وبرامج أكثر فعالية لمكافحة ختان الإناث وتحقيق تقدم نحو مجتمع يراعى حقوق الإنسان ويعزز صحة ورفاهية الفتيات والنساء.
ومن أهم النتائج التي تم استخلاصها، أنه على الرغم من انخفاض نسبة ختان الاناث إلا أن هناك فروق بين المناطق الجغرافية حيث سجل ريف الوجه القبلي الأكثر ارتفاعاً. كما لوحظ أن الأمهات والشباب الأكثر تعليمًا يميلون إلى رفض ختان الإناث. التعليم يلعب دورًا حاسمًا في تغيير المعتقدات والسلوكيات، ووجد ارتفاع نسبة الذكور الذين لم يسبق لهم الزوج في العمر (15-29) نحو اعتقادهم أن الختان من تعاليم الدين ويزيد من عفة البنات كما يعتقدون ان الأزواج يفضلون زوجاتهم مختنة، وارتفاع نسبة الطاقم الطبي (الأطباء – الممرضين واخرون) القائمين بعملية ختان الاناث بين السيدات اللاتي سبق لهن الزواج (15-49 سنة) والشابات من الاناث في العمر (15-29سنة) ولم يسبق لهن الزواج في الحضر عن الريف. حيث بلغت النسبة (48.1%) بالحضر مقابل (44.3%) في الريف للسيدات في العمر (15-49سنة)، بينما بلغت نسبة الشابات في العمر (15-29سنة) (82.3%) بالحضر مقابل (76.8%) في الريف عام 2021.
ولمواجهة ختان الإناث يتطلب ذلك تبني نهج شامل ومتعدد الجوانب، يشمل التوعية، والتشريع، والدعم المجتمعي. القيام بحملات توعية مستمرة في الإعلام والمجتمع تركز على الأضرار الصحية، والنفسية للختان، وحقوق النساء، والفتيات. يمكن استهداف هذه الحملات للأسر والشباب، وخاصة في المناطق التي تنتشر فيها هذه الممارسات.
وتناولت هذه الدراسة ظاهرة صعوبات التعلم بوصفها أحد التحديات التربوية والنفسية المعقدة التي تؤثر على تحصيل المتعلم وتكامل نموه، خاصة خلال المرحلة المدرسية الأساسية. وقد هدفت الدراسة إلى استكشاف أنماط صعوبات التعلم، وتحليل أسبابها، وتحديد العوامل البيئية والاجتماعية المرتبطة بها، إلى جانب تقديم تصور متكامل لأبرز استراتيجيات العلاج الممكنة.
ومن أهم النتائج، أن هناك ترابط وثيق بين العمر الذي ظهرت فيه الإعاقة ودرجة صعوبات التعلم فهناك 41.4% من الحالات منذ الولادة، مما يوضح العلاقة المحتملة مع العوامل الوراثية وكانت هذه النسبة أعلى في الريف (43.5% (مقارنة بالحضر (39.3%)، مما قد يُعزى إلى ضعف الرعاية الصحية في البيئات الريفية، وهناك علاقة واضحة بين مستوى الصعوبة واحتياج الأفراد لأدوات مساعدة وتلقيهم للخدمات، حيث سجل الأفراد في حالة “بعض الصعوبة” الذين تلقوا خدمات 31.7%، مقارنة بـ 19.6% لمن لم يتلقوا خدمات، أما في حالة “الصعوبة الكبيرة”، فكانت نسبة الاحتياج لأداة مساعدة أعلى بين الأفراد الذين لم يتلقوا خدمات، حيث بلغت 40.9% مقارنة بـ 20.8% للذين تلقوا خدمات، بفارق كبير قدره 20.1 نقطة مئوية، مما يشير إلى أن نقص الخدمات يزيد الاعتماد على الأدوات المساعدة.
وتشير البيانات إلى وجود تفاوت ملحوظ في نسب الاستفادة من الخدمات والوسائل المساعدة وفقًا لدرجة الصعوبة ومكان الإقامة حيث يعكس الفجوات في توافر الخدمات وإمكانية الوصول إليها فنجد أن برامج تنمية المهارات تُستخدم بنسبة 80.7% إجماليًا، ليكون فى الحضر بنسبة (87.0%) وفى الريف بنسبة (75.7%)، وتُظهر البيانات أن الظروف المادية تمثل السبب الأكثر شيوعًا وراء عدم الحصول على الأداة المساعدة في جميع حالات الصعوبة، إذ بلغت النسبة الكلية 94.3%، مما يعكس عبئًا اقتصاديًا حقيقيًا يواجه الأفراد وأسرهم.
تعليقات الزوار ( 0 )