في تطور علمي مبشر قد يغير مستقبل علاج أمراض العيون، أعلن باحثون في اليابان عن لقاح جديد يعتمد على تقنية الـ mRNA، أظهر نتائج واعدة في الحد من فقدان البصر لدى كبار السن، تحديدًا لدى المصابين بمرض الضمور البقعي المرتبط بالعمر (AMD)، أحد أبرز أسباب العمى في العالم.
يعتمد المرض على نمو أوعية دموية غير طبيعية في شبكية العين، ما يؤدي إلى تسرب السوائل وتشوه الرؤية، وقد ينتهي الأمر بفقدان دائم للبصر، والعلاجات المتوفرة حاليًا – مثل حقن مضادات عامل النمو VEGF داخل العين – تحتاج إلى زيارات شهرية مؤلمة ومتكررة، ما يجعل من الصعب على المرضى الاستمرار في تلقي العلاج بانتظام، ويؤدي في النهاية إلى تدهور الرؤية.
لكن الأمل عاد من جديد عبر لقاح يعطى ببساطة عن طريق الحقن في الذراع، طوره علماء في معهد طوكيو للعلوم بالتعاون مع جامعة مدينة يوكوهاما، ووفقا لتقرير موقع ” thebrighterside” أظهرت التجارب على الفئران أن اللقاح خفض نمو الأوعية الدموية الضارة في شبكية العين بنسبة تفوق 50%، كما قلل من الالتهابات المرتبطة بالمرض، دون التأثير على الأنسجة السليمة.
لقاح على غرار لقاحات كورونا
يعتمد اللقاح على نفس التقنية المستخدمة في لقاحات كوفيد-19، لكن بدلًا من مكافحة الفيروسات، يستهدف هذا اللقاح بروتينًا معينًا يعرف باسم LRG1، الذي يعتقد أنه يلعب دورًا محوريًا في تحفيز نمو الأوعية غير الطبيعية في العين.
عند حقن اللقاح، تبدأ الخلايا في إنتاج نسخة “غير ضارة” من هذا البروتين، مما يدفع الجهاز المناعي لتكوين أجسام مضادة تعطل وظيفته.
نتائج مبهرة في التجارب الحيوانية
في النماذج الحيوانية التي حاكت تطور الضمور البقعي، تراجعت تسربات الأوعية الدموية بنسبة 85%، وانخفض حجم الآفات المرضية بنسبة 82% لدى الفئران التي تلقت اللقاح، مقارنةً بتلك التي لم تتلقه، كما تراجعت الاستجابة المناعية الضارة التي تساهم في تلف الشبكية.
وعلى الجانب الآخر، لم تسجل أي أعراض جانبية خطيرة، ولم تتأثر الأنسجة السليمة، ولم تلاحظ مؤشرات على حدوث استجابة مناعية ذاتية، وهو ما يعد تطورًا مهمًا في مسألة الأمان.
رغم النتائج المبشرة، يشير الباحثون إلى أن اللقاح لا يزال في مراحله المبكرة، ويتطلب الأمر سنوات من التجارب السريرية على البشر للتأكد من فعاليته وسلامته.
لكن في حال نجاحه، سيكون هذا اللقاح بمثابة نقلة نوعية في علاج أمراض العيون المزمنة، حيث قد يستبدل العلاج المؤلم والمكلف بحقنة واحدة أو اثنتين في العام، وهو ما سيُحسّن جودة الحياة لكبار السن ويوفّر على أنظمة الرعاية الصحية تكاليف باهظة.
الأهمية الأكبر لهذا اللقاح لا تتوقف عند علاج الضمور البقعي فقط، بل تفتح الباب أمام استخدام تقنية الـ mRNA لعلاج أمراض مزمنة أخرى ترتبط ببروتينات ضارة، مما يُوسّع استخدامات هذه التكنولوجيا إلى ما هو أبعد من الأمراض الفيروسية.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة “اللقاحات” عبر منصة ScienceDirect، ويأمل العلماء في بدء مرحلة جديدة من تطوير علاجات قائمة على mRNA تكون أكثر راحة، وأطول فاعلية، وأقل تكلفة للملايين حول العالم.
إذا ثبتت فاعلية هذا اللقاح على البشر، فقد نكون أمام مستقبل تحمى فيه العيون بحقنة واحدة في الذراع، بدلاً من رحلة طويلة من الألم والخوف والزيارات المتكررة للطبيب.
تعليقات الزوار ( 0 )