تحسم الهيئة العامة للتنمية الصناعية، غدًا الأحد، نتيجة المزايدة المطروحة لرخصة إقامة أول مشروع لإنتاج مربعات الصب المستمر (البليت) في مصر منذ سنوات، بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن سنويًا، في خطوة توصف بأنها محورية لتعزيز سلاسل القيمة المحلية بصناعة الحديد والصلب، وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
المنافسة على الرخصة تشهد صراعًا بين كبار رجال الصناعة، من أبرزهم رجل الأعمال جمال الجارحي، الذي أعلن عن خطة لضخ استثمارات تتجاوز 13 مليار جنيه في المشروع، إلى جانب طارق الجيوشي، ومجموعة المراكبي، في مشهد يعكس التحول الكبير في تركيبة سوق الحديد المصري، واستعداد القطاع الخاص للعب دور أكبر في التصنيع العميق وتقليل الاعتماد على الخامات المستوردة.
الرخصة المطروحة ترتبط بمواصفات فنية دقيقة تلبي احتياجات صناعية متطورة، تشمل إنتاج بليت قابل للحام، مقاوم للزلازل، ومُهيأ للعمل في بيئات بحرية ومياه مالحة، ما يعزز قدرة مصر على تلبية الطلب الداخلي المتنامي على الحديد عالي الجودة، ويدعم في الوقت ذاته توجه الدولة نحو رفع نسب المكون المحلي في مشروعات البنية التحتية والتشييد.
وفي الوقت الذي يُنتظر فيه دخول مصانع البليت الجديدة حيز التشغيل، تعمل وزارة الصناعة على خطة مرحلية لضبط السوق، تقوم على إعادة توزيع الفائض من الإنتاج المحلي لصالح مصانع الدرفلة، لتجنب أي اختناقات محتملة في المعروض، وضمان استقرار الأسعار وتدفقات الإنتاج.
المشروع المنتظر لا يمثل فقط توسعًا صناعيًا، بل يعكس توجهًا استراتيجيًا نحو دعم القيمة المضافة والتكامل الصناعي، حيث تُعد صناعة البليت هي القاعدة الأساسية لصناعات الحديد، ويُمكن أن تسهم الرخصة في تقليص فاتورة الواردات وفتح مسارات تصديرية جديدة، في ظل ما تمتلكه مصر من مزايا تنافسية تشمل وفرة المواد الخام، وتكلفة عمالة منخفضة، وتوافر البنية التحتية والاتفاقيات التجارية الإقليمية والدولية.
ويُنظر إلى هذا التحرك باعتباره أحد مفاتيح التحول في خريطة الصناعة الوطنية، إذ يعزز قدرة المصنعين على الاستفادة من الطلب المحلي المتزايد، وفي الوقت ذاته دعم خطة الدولة في التحول إلى مركز صناعي وتصديري لصناعات الحديد والصناعات التحويلية المرتبطة به، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي وشبكة لوجستية متطورة تربطها بالأسواق العربية والإفريقية والأوروبية.
تعليقات الزوار ( 0 )