يُعد الأرق من أكثر اضطرابات النوم شيوعًا بين كبار السن، إذ لا يقتصر الأمر على صعوبة الدخول فى النوم، بل يمتد إلى الاستيقاظ المتكرر، والشعور بعدم الراحة حتى بعد ساعات طويلة فى السرير، ورغم أن بعض الأشخاص يواجهون هذه المشكلة منذ شبابهم، إلا أن انتشارها يتضاعف مع التقدم في العمر، مما يجعلها عائقًا أمام الحياة اليومية الصحية والفعّالة.
الأرق ليس مجرد مشكلة عرضية، بل هو انعكاس لحالة صحية وجسدية متشابكة تتفاقم مع تقدم العمر، التعامل معه يتطلب فهمًا شاملاً لأسبابه، دمج علاج سلوكي مع تحسين بيئة النوم، وحذرًا شديدًا في وصف الأدوية. وفي كل الأحوال، يبقى استشارة الطبيب خطوة أساسية لضمان نوم صحي ومستقر.
انتشار الأرق وعلاقته بالعمر
وفقًا لتقرير نُشر في موقع المكتبة الوطنية للطب (NCBI)، فإن ما بين 10% و30% من البالغين يعانون من الأرق بدرجات متفاوتة، وترتفع النسبة بشكل ملحوظ بين من تجاوزوا الستين، ويعود ذلك إلى عوامل متعددة، منها الأمراض المزمنة، استخدام أدوية معينة، والتغيرات الطبيعية في إيقاع الساعة البيولوجية. هذه التغيرات تجعل من النوم الصحي تحديًا يوميًا.
التغيرات فى بنية النوم مع الشيخوخة
مع التقدم في العمر، يتراجع مقدار النوم العميق وحصة نوم حركة العين السريعة (REM)، هذا الانخفاض يجعل النوم أكثر سطحية ويزيد من فرص الاستيقاظ المتكرر، بعض الدراسات أوضحت أن الشخص يفقد مع كل عقد من عمره نحو نصف ساعة من مدة نومه الطبيعية، هذه الشيخوخة الطبيعية تؤثر مباشرة على الشعور بالانتعاش صباحًا وتزيد من احتمال الشعور بالتعب خلال النهار.
معايير تشخيص الأرق
التصنيف الدولي لاضطرابات النوم يشترط مجموعة علامات أساسية لتشخيص الأرق، مثل: صعوبة مستمرة في النوم، الاستيقاظ المبكر قبل الموعد المطلوب، أو الشعور بمقاومة وقت النوم، ولا يكفي مجرد قلة النوم، بل يجب أن تنعكس هذه المشكلة على النهار، من خلال النعاس، ضعف الانتباه، واضطرابات المزاج. إذا استمرت هذه الأعراض ثلاثة أشهر متواصلة بمعدل ثلاث مرات أسبوعيًا، يُعتبر الأرق مزمنًا.
الأسباب والعوامل المساهمة
يمكن تقسيم الأرق إلى نوعين: أولي وثانوي. الأرق الأولي يظهر دون سبب واضح، أما الأرق الثانوي فيكون نتيجة مرض جسدي أو نفسي مثل الاكتئاب أو أمراض القلب، كما أن بعض الأدوية، خاصة تلك الموصوفة لكبار السن، قد تؤدي إلى تفاقم المشكلة. إضافة إلى ذلك، يساهم ضعف الإيقاع اليومي في إرباك دورة النوم والاستيقاظ.
العلاجات غير الدوائية
النهج الأول لعلاج الأرق عند كبار السن لا يقوم على الأدوية، بل على تعديل السلوكيات. تشمل الخطوات:
تحسين بيئة النوم (غرفة هادئة ومظلمة ودرجة حرارة مناسبة).
علاج سلوكي يركز على التخلص من المعتقدات السلبية عن النوم.
تقييد وقت النوم تدريجيًا لزيادة كفاءة الساعات الفعلية في السرير.
العلاج بالضوء الساطع لتأخير وقت النوم لمن ينامون مبكرًا جدًا.
دور الأدوية بحذر
حال فشل الوسائل السابقة، قد يصف الطبيب أدوية خاصة لتعزيز النوم، والتى تعمل من خلال التأثير على هرمونات النوم.
اضطرابات مرافقة للأرق
الأرق عند كبار السن غالبًا ما يتداخل مع اضطرابات أخرى مثل انقطاع النفس النومي، متلازمة تململ الساقين، أو اضطراب سلوك نوم حركة العين السريعة، هذه الحالات تجعل النوم أكثر تقطعًا وتزيد من الإرهاق النهاري، هنا يصبح التدخل الطبي المتخصص أمرًا لا غنى عنه.
تعليقات الزوار ( 0 )