قد يظن البعض أن القدرة على البكاء أمر بسيط، لكن ماذا لو وجدت نفسك غير قادر على إسقاط دمعة واحدة رغم شعورك بالحزن؟ هذه الحالة ليست غريبة كما تبدو، بل هي علامة يُحتمل أن ترتبط بحالة نفسية خفية. إذ قد يعيش الإنسان فترات طويلة يشعر خلالها بأنه “متبلد” أو “بارد”، بينما الحقيقة أن المشاعر مكبوتة، والبكاء متوقف نتيجة اضطراب داخلي.
هل فقدان القدرة على البكاء يدل على مشكلة؟
الإجابة ليست دائمًا بنعم، ولكن في كثير من الحالات، يشير التوقف المفاجئ أو المزمن عن البكاء إلى وجود اضطراب نفسي أو عاطفي. فالبكاء يُعد وسيلة طبيعية يفرغ بها الجسم مشاعره، وعندما يعجز الإنسان عن هذه الاستجابة، فإن ذلك قد يكون علامة على اختلال في التوازن النفسي.
بحسب ما ذكر تقرير نشر في موقع BetterHelp، فإن هناك ارتباطًا واضحًا بين عدم القدرة على البكاء وبعض حالات الاكتئاب والقلق، وخاصةً الاكتئاب المزمن.
اكتئاب صامت.. كيف يظهر دون أن يُشعر؟
الاكتئاب لا يعني بالضرورة البكاء المستمر أو الحزن الظاهر. بعض المصابين به لا يبكون أبدًا، بل يشعرون بالخدر أو اللامبالاة. هذا النوع يُسمى أحيانًا “الاكتئاب الصامت”، لأنه لا يُعبّر عن نفسه كما هو متوقع. بل يظهر من خلال فقدان الرغبة في التفاعل، تراجع الاهتمام بالحياة، وصعوبة التعبير عن الألم العاطفي بأي وسيلة، بما فيها البكاء.
أسباب أخرى محتملة لغياب الدموع
في بعض الحالات، يكون السبب عضويًا، مثل مشاكل الغدد الدمعية أو تأثير بعض الأدوية. كما أن بعض الأفراد، نتيجة تنشئة صارمة أو تجارب صادمة سابقة، قد يطورون آليات دفاع عاطفية تمنعهم من البكاء حتى في أحلك الظروف. كل هذه العوامل يمكن أن تُساهم في انقطاع هذه الاستجابة الطبيعية.
كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة؟
الاعتراف بالمشكلة: الخطوة الأولى هي التوقف عن إنكارها أو تجاهلها.
استشارة مختص نفسي: التقييم النفسي يساعد على تحديد ما إذا كانت هناك اضطرابات أعمق يجب التعامل معها.
ممارسة الكتابة أو التأمل: بعض الطرق غير المباشرة تساعد في إعادة التواصل مع المشاعر المدفونة.
تمارين التنفس العميق: تساعد على تقليل التوتر، وقد تُعيد بعض الاستجابات العاطفية تدريجيًا.
عدم القدرة على البكاء ليس دائمًا دليلاً على “القوة”، بل قد يكون صرخة مكتومة تحتاج من يسمعها. إن مراقبة هذه التغيرات النفسية وتفسيرها بشكل سليم قد يكشف عن مشكلات أكبر يجب علاجها. وبدلًا من الحكم على الذات بالقسوة، فلنعترف بأن لكل مشاعرنا طريقة للتعبير، وأن البكاء، في أحيان كثيرة، هو أول طريق التعافي.
تعليقات الزوار ( 0 )