يعشق الكثيرون متعة تناول الطعام الحار، لكن للفلفل الحار فوائد تتجاوز حرقة اللسان، حيث تشير مجموعة متزايدة من الأبحاث إلى أن تناول الطعام الحار بانتظام، وخاصةً الفلفل الحار، قد يدعم صحة القلب والأيض وحتى صحة الأمعاء، وتتجاوز الفوائد الصحية للطعام الحار النكهة، إذ يقدم فوائد مضادة للالتهابات، وأخرى تقوي القلب والأوعية الدموية، وأخرى هضمية، مدعومة بالممارسات التقليدية والدراسات السريرية الحديثة، وفقًا لتقرير موقع “تايمز اوف انديا”.
ويكمن السر وراء فوائد الأطعمة الحارة في مادة الكابسيسين، وهي المادة المسئولة عن الحرارة في هذه الأطعمة، ولكن كيف يستفيد الجسم منها تحديدًا، وما هي الكمية الزائدة؟
وجدت دراسة تحليلية أجريت عام 2020 أن الأشخاص الذين يتناولون الفلفل الحار بكثرة كانوا أقل عرضة للوفاة المبكرة بنسبة 25% مقارنةً بمن لا يتناولونه، وربطت الدراسة استهلاك الفلفل الحار بانخفاض مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان وأمراض الجهاز التنفسي، ويُعزى هذا الارتباط الواعد بين الطعام الحار والوقاية من الأمراض المزمنة بشكل كبير إلى قدرة الكابسيسين على التأثير على العمليات الأيضية والالتهابية في الجسم.
يُنشّط الكابسيسين مُستقبِلاً في الجسم يُعرف باسم TRPV1، ويبدو أن هذا المُستقبِل يلعب دورًا في استقلاب الدهون وتنظيم الشهية من خلال تحفيز إفراز الأدرينالين، مما يُساعد على حرق السعرات الحرارية والتحكم في مستويات السكر في الدم، ووفقًا لدراسة، فإن الكابسيسين، المُركّب الرئيسي في الفلفل الحار، يُؤثّر على الاستقلاب، وبكتيريا الأمعاء، والالتهابات، مما يُظهر فوائد مُحتملة لصحة القلب والدماغ والجهاز الهضمي بشكل عام.
كيف يساعد الفلفل الحار والأطعمة الحارة في تقليل الالتهاب ودعم صحة القلب؟
يُعد الالتهاب عاملًا رئيسيًا في الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل أمراض القلب والسكر من النوع الثاني، وقد أظهرت بعض الدراسات التي أُجريت على الحيوانات والمختبرات أن الكابسيسين قد يُساعد في تقليل الاستجابات الالتهابية من خلال تهدئة الخلايا المناعية مفرطة النشاط، وفي دراسات رصدية على البشر، تمتع الأشخاص الذين تناولوا كميات أكبر من الفلفل الحار بنتائج أفضل في صحة القلب والأوعية الدموية، مثل انخفاض ضغط الدم ومستويات الكوليسترول الصحية، مقارنةً بمن لم يتناولونه.
كما وجدت دراسة إيطالية أن الأشخاص الذين تناولوا الفلفل الحار حققوا فوائد صحية أوسع لصحة القلب مقارنةً بمن فضلوا الفلفل الحلو، الذي يحتوي على كمية أقل بكثير من الكابسيسين.
وقد وجدت دراسة أخرى أُجريت عام 2023 أن الفلفل الحار يحتوي عادةً على مستويات أعلى من مضادات الأكسدة والبوليفينول، وهي مركبات طبيعية تُساعد في مكافحة الإجهاد التأكسدي، وهو عامل رئيسي آخر يُسهم في الإصابة بالأمراض المزمنة، ومن المثير للاهتمام أن حتى الأنواع متوسطة الحرارة، مثل الفلفل الحار (هالبينو)، أظهرت نشاطًا مضادًا للأكسدة ملحوظًا عند درجات حرارة مقبولة.
كيف يمكنك تحمل الأطعمة الحارة والكمية المناسبة للحصول على فوائد صحية طويلة الأمد؟
إذا كنتَ جديدًا على الطعام الحار، فمن الأفضل أن تبدأ ببطء، ابدأ بفلفل أقل حدة، ثم انتقل تدريجيًا إلى فلفل هالبينو والأنواع الأكثر حرارة، ويساعد التعرض المنتظم للفلفل الحار على تخفيف حساسية مستقبلات الألم في لسانك، مما يُسهّل عليك جني فوائد صحية أكبر.
وتشير الدراسات إلى أن الفوائد الصحية للأطعمة الحارة قد تكون سلوكية جزئيًا، فعندما يكون الطعام ساخنًا في الفم، يميل الناس إلى المضغ ببطء، وأخذ لقيمات أصغر، والتوقف بين اللقيمات، ويمكن أن يُحسّن هذا التباطؤ في تناول الطعام عملية الهضم ويساعد على التحكم في الكميات، مما قد يُسهم في تحسين التحكم في الوزن واستقرار مستويات السكر في الدم.
نصائح لتناول الطعام الحار بالطريقة الصحيحة للحصول على أقصى قدر من الفائدة:
ليست كل الأطعمة الحارة متساوية في الفوائد، حيث تشير الأبحاث إلى أن الفلفل الحار الطازج أو المطبوخ قليلاً يحتفظ بعناصر غذائية أكثر من الأنواع المجففة أو المعالجة بكثافة، والفلفل الأحمر، وهو أكثر نضجًا وحرارةً من الفلفل الأخضر، وغالبًا ما يحتوي على مستويات أعلى من الكابسيسين ومضادات الأكسدة وفيتامين C، ومع ذلك، يمكن للتحميص أن يعزز مركبات مفيدة أخرى مثل الفلافونويدات والبوليفينولات.
ويُساعد مزج الفلفل الحار مع الدهون الصحية، مثل تلك الموجودة في زيت الزيتون والأفوكادو ومنتجات الألبان كاملة الدسم، على امتصاص الكابسيسين وتقليل الشعور بالحرقان، كما يُساعد هذا جسمك على امتصاص العناصر الغذائية التي تذوب في الدهون بشكل أفضل، ومن الطرق البسيطة لدمج ذلك نقع شرائح الفلفل الحار في زيت الزيتون، أو تقديم الفلفل مع الزبادي اليوناني أو الأطعمة المخمرة مثل مخلل الملفوف لمزيد من الفوائد لصحة الأمعاء.
رغم أن الطعام الحار ليس علاجًا شاملًا، إلا أن الأبحاث لا تزال تكشف عن روابط مثيرة للاهتمام بين الفلفل الحار وتحسين الصحة، بدءًا من تخفيف الالتهابات وصولًا إلى دعم عملية الأيض وإثراء البكتيريا المعوية، وقد يكون تناول الفلفل الحار باعتدال وبشكل منتظم إضافة ذكية ولذيذة لنظام غذائي صحي.
تذكر أيضًا أن تناول أطعمة حارة لا تعني بالضرورة فوائد أكبر، ومن المهم مراعاة جسمك عند إضافة مستويات جديدة من التوابل الحارة، مع التحضير الواعي والتكيف التدريجي، قد تقدم لك حرارة طعامك أكثر من مجرد مذاق، بل قد تؤدي إلى صحة أفضل.
تعليقات الزوار ( 0 )