نيوز برو : يصيب الرياضيين ويؤثر على الانفعالات.. ما هو الاعتلال الدماغى المزمن

بسبب ارتباطه بالإصابات المتكررة على الرأس، يرتبط الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن فى الأغلب بالرياضيين، لكنه قد يصيب أي شخص تعرض لإصابات متكررة في الرأس.تم تشخيص الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن لأول مرة لدى الملاكمين في عشرينيات القرن الماضي، وكان يُطلق عليه آنذاك “متلازمة فرط اللكم”. وعلى مدى العقود التالية، أفاد الباحثون بنتائج مماثلة لدى ضحايا آخرين لصدمات دماغية، وفقا لموقع “Harvard Health publishing”.

ما هو الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن؟
 

الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن (CTE) هو شكل نادر من تلف الدماغ، قد ينتج عن إصابات متكررة في الرأس، حتى لو لم تكن شديدة بما يكفي لتسبب ارتجاجًا، تُعتبر إصابات الرأس المتكررة نوعًا من إصابات الدماغ الرضحية (TBI)، إلا أن الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن هو اضطراب دماغي تدريجي يؤثر على كيفية عمل الدماغ، مما يؤدي إلى الخرف.

لا يوجد دليل على أن التعرض لضربة عرضية على الرأس يؤدي إلى اعتلال دماغي مزمن. ولكن هناك أدلة قوية تربط اعتلال الدماغ المزمن بصدمات الرأس المتكررة، سواءً تسببت في ارتجاجات أم لا.

من بين الفئات الأكثر تأثرًا بهذا النوع من إصابات الدماغ الرضحية لاعبو كرة القدم المحترفون، ويعد أول دليل على إصابة لاعبي كرة القدم بتلك الحالة هو لاعب فريق بيتسبرغ ستيلرز، مايك ويبستر، الذي توفي عام ٢٠٠٢ عن عمر يناهز الخمسين بعد سنوات من سلوكيات غريبة، والتي تبيّن لاحقًا أنها أحد أعراض الخرف، أظهر تشريح الجثة نوعًا محددًا من تلف الدماغ يُسبب الخرف.

من المرجح أن يكون الوعي المتزايد والمخاوف بشأن اعتلال الدماغ المزمن قد دفع بعض الرياضيين الذين تعرضوا لعدد من الارتجاجات إلى التقاعد من رياضتهم قبل الموعد المخطط له.

ويقول الباحثون إن الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن قد يكون أكثر انتشارًا بين الشباب الذين يمارسون رياضات الاحتكاك الجسدي بكثرة مما كان يُعتقد سابقًا. وقد أظهرت دراسة أجريت على أدمغة لاعبي رياضات الاحتكاك الجسدي الذين توفوا قبل بلوغهم سن الثلاثين أن أكثر من 40% منهم مصابون بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن.

أسباب الإصابة بالاعتلال الدماغي المزمن

يحدث الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن نتيجة ضربات متكررة على الرأس تُلحق الضرر بخلايا الدماغ والأوعية الدموية. يؤدي ذلك إلى ظهور مناطق من النزيف المجهري ورواسب بروتينية غير طبيعية تُسمى التشابكات، والتي تُؤدي إلى موت خلايا الدماغ.

ويعاني معظم المصابين باعتلال الدماغ الرضي المزمن من مئات أو آلاف الإصابات في الرأس نتيجة سنوات من ممارسة الرياضات التي تتطلب التلامس الجسدي، مثل كرة القدم الأمريكية، والملاكمة، والرجبي، والهوكي.

وقدّر الباحثون أن حوالي 17% من الأشخاص الذين يعانون من ارتجاجات دماغية متكررة أو إصابات دماغية خفيفة لسنوات سيُصابون باعتلال دماغي رضحي مزمن،  ولكن ليس من الواضح سبب إصابة بعض الأشخاص الذين يتعرضون لصدمات متكررة في الرأس بالاعتلال بينما لا يُصاب به آخرون، ويدرس العلماء الدور المحتمل للعوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة في صدمات الرأس.

أعراض الاعتلال الدماغي المزمن

تأثيرات تلك الحالة على الدماغ مماثلة لتلك التي تحدثها أنواع أخرى من الخرف وتشمل:

فقدان الذاكرة
مشاكل في الانتباه والتركيز
اضطرابات المزاج مثل القلق والعدوانية والاكتئاب
السلوك المتهور أو غير المنتظم
ضعف الحكم
ضعف التنسيق العضلي

وتزداد هذه الأعراض سوءًا بمرور الوقت، حتى لو لم يعد الشخص المصاب باعتلال الدماغ الرضي المزمن يعاني من إصابات إضافية في الرأس.

العواقب طويلة المدى لاعتلال الدماغ المزمن
 

أفاد أفراد عائلات الأشخاص الذين شُخِّصت إصابتهم بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن، أنهم لاحظوا تغيرات في سلوك الشخص وتفكيره ومشاعره لفترة من الوقت،  وغالبًا ما أصبحت هذه المشاكل خطيرة بما يكفي لتعيق أنشطة أحبائهم العائلية والاجتماعية والمهنية.

كما أم الأشخاص المصابون معرضون لخطر ضعف التحكم في الانفعالات، وفي بعض الحالات الانتحار، قد يؤدي أيضا في نهاية المطاف إلى الخرف المتقدم، ومرض باركنسون، واضطراب حركي مشابه للتصلب الجانبي الضموري (ALS) ، المعروف سابقًا بمرض لو جيريج.

تشخيص وعلاج الاعتلال الدماغي المزمن
 

حاليًا، الطريقة الوحيدة المؤكدة لتشخيص الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن هي تشريح الجثة بعد الوفاة. قد يُمثل التشخيص في حالة الحياة تحديًا، لأن أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن تُشبه أعراض أمراض أخرى مثل مرض الزهايمر، في بعض الحالات، قد يُخلط بين أعراض الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن والشيخوخة الطبيعية.

هناك أمل في أن تُستخدم دراسات التصوير المتقدمة، مثل أنواع خاصة من التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، لتحسين تشخيص الاعتلال الدماغي المزمن (CTE) من خلال مراقبة أنماط البروتينات في الدماغ.
في الوقت الحالي، قد يُجري الأطباء تشخيصًا مبدئيًا للاعتلال الدماغي المزمن بناءً على تاريخ المريض (مثل لعب كرة القدم لسنوات عديدة)، والأعراض، والفحص العصبي، ودراسات تصوير الدماغ، بعد استبعاد أكبر عدد ممكن من الحالات الأخرى.

و لا توجد حاليًا طريقة لعكس تلف الدماغ الناتج عن الاعتلال الدماغي المزمن. ولكن يمكن استخدام بعض الأدوية، لعلاج أعراض مثل فقدان الذاكرة، ومشاكل التفكير، وتغيرات المزاج والسلوك.

الوقاية من الاعتلال الدماغي الرضحي المزمن
 

وللمساعدة في منع الإصابة باعتلال الدماغ الرضحي المزمن لدى الأشخاص الذين يمارسون الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي، يقوم الباحثون بالتحقيق في أنواع الصدمات التي تتعرض لها الرأس والتي تشكل أعلى مستوى من المخاطر.

وجدت إحدى الدراسات أن الاعتلال الدماغي يرتبط بقوة ضربات الرأس أكثر من ارتباطه بعدد الارتجاجات التي يتعرض لها الشخص، وتشير الدراسة إلى إمكانية تقليل خطر الإصابة بالاعتلال الدماغي الرضحي المزمن بتغيير قوة ضربات الرأس أثناء التدريبات والمباريات.

بُذلت جهودٌ أيضًا في مجال الرياضة، وخاصةً كرة القدم، للحد من حالات الارتجاج الدماغي من خلال تشديد العقوبات على ضربات الرأس، كما يجري حاليًا تطوير خوذات الحماية للرياضيين المشاركين في الرياضات التي تتطلب التلامس الجسدي، وذلك للمساعدة في تقليل تأثير الضربات على الرأس، على سبيل المثال، ساهمت الخوذات ذات الأداء الأفضل في خفض حالات الارتجاج بنسبة 25% خلال المواسم الخمسة الماضية من دوري كرة القدم الأمريكية.