أن تتعامل مع فكرة تُهاجمك مرارًا دون توقف، وأن تضطر لمقاومتها بسلوكٍ متكرر قهري، ليس ترفًا أو تصرفًا غريبًا، بل هو واقع يومي يعيشه ملايين الأشخاص حول العالم ممن يعانون من اضطراب الوسواس القهري (OCD). وبين الصور النمطية والتجارب المخفية، توجد حقائق جوهرية يجب معرفتها لفهم هذا الاضطراب المعقد.
وفقا لتقرير نشر في موقع هيلث الطبي، فاضطراب الوسواس القهري ليس خيارًا، ولا سمة شخصية، بل اضطراب عقلي يتطلب تعاطفًا وفهمًا ومرافقة علاجية مستمرة. قد لا نراه، لكن المصابين به يعيشونه كل يوم.
حقائق
1. ما وراء الترتيب والتنظيف: تشخيص لا يُرى
غالبًا ما يُختزل الوسواس القهري في سلوكيات الترتيب أو الغسيل المفرط، لكن الحقيقة أعمق بكثير. يعاني المصاب من أفكار قهرية لا يستطيع السيطرة عليها، مثل الخوف من إيذاء الآخرين، أو الشك المتكرر في قراراته، وهو ما يدفعه إلى أداء سلوكيات معينة بشكل قهري لتخفيف التوتر.
2. الانتشار أوسع مما نتوقع
بحسب موقع هيلث، فإن حوالي 1.2٪ من البالغين في الولايات المتحدة يعانون من الوسواس القهري، مما يجعله أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعًا، ورغم ذلك يظل الفهم المجتمعي له محدودًا وغالبًا مشوهًا.
3. الطمأنينة… ليست دواءً
على عكس ما يُعتقد، فإن محاولة طمأنة المصاب بأن “كل شيء على ما يرام” قد تزيد من حدة الوسواس، لأن العقل القهري يبدأ في البحث عن تأكيد جديد في كل مرة. ما يحتاجه المصاب هو فهم لا إنكار، وتعاطف لا تبرير.
4. الوعي بالعقل لا يعني القدرة على إيقافه
المؤلم في الوسواس القهري أن المصاب يدرك غالبًا أن أفكاره غير منطقية، لكنه لا يستطيع كبحها. هذا الإدراك لا يقلل من حدة المعاناة، بل أحيانًا يزيدها بفعل الشعور بالذنب والعار.
5. الانفصال عن الواقع
رغم الهواجس الغريبة التي قد تراود المصاب، فإن اضطراب الوسواس القهري لا يُصنّف ضمن الاضطرابات الذهانية. الأشخاص المصابون به لا يفقدون الاتصال بالواقع، بل يعيشون داخله، ولكن في صراع عقلي دائم.
6. الوسواس قد يولد من رحم الصدمة
أحداث الحياة الكبيرة، كوفاة أحد المقربين أو المرض الجسدي الحاد، قد تُفعّل الوسواس لدى الأشخاص المعرضين لذلك. لا يُعتبر السبب الوحيد، لكنه أحد المحفزات المهمة لبداية الأعراض.
7. الطفل قد يكون أول من يعاني
رغم أن الكثيرين يعتقدون أن الوسواس القهري يُصيب الكبار، إلا أن أعراضه قد تظهر في سن مبكرة جدًا. الأطفال والمراهقون قد يواجهون الوسواس في صمت، خاصةً إذا لم يكن لدى المحيطين بهم الوعي الكافي.
8. التشخيص يستغرق وقتًا طويلًا
كثيرون يظلون يعانون في صمت لسنوات، وقد يستغرق التشخيص الصحيح أكثر من عقد، خاصةً عندما يتم تفسير الأعراض على أنها “تصرفات غريبة” أو “حرص زائد”. التوعية والتدخل المبكر يمكن أن تُحدث فرقًا كبيرًا.
9. العلاج موجود… لكنه يحتاج التزامًا
أفضل نتائج العلاج تأتي من الدمج بين العلاج السلوكي المعرفي (CBT) وتحديدًا تقنية التعرض ومنع الاستجابة (ERP)، والأدوية مثل مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية. الالتزام طويل الأمد ضروري، لكنه فعّال.
10. الحياة ليست مستحيلة
رغم التحديات، يستطيع المصابون بالوسواس القهري عيش حياة متوازنة ومنتجة إذا حصلوا على التشخيص الصحيح والدعم المناسب. مفتاح التعافي يكمن في الفهم، والاحتواء، والرغبة في المواجهة.
تعليقات الزوار ( 0 )