كشفت دراسة رئيسية أجرتها جامعة أكسفورد، ونُشرت في مجلة Brain Communications، أن هناك 6 حالات صحية شائعة فى منتصف العمر قد تزيد بشكل كبير من احتمالية الإصابة بالخرف فى مراحل لاحقة من العمر، وهو ما يوضحه تقرير موقع “تايمز أوف إنديا”.
وتُسلّط الدراسة الضوء أن أمراضًا مثل أمراض القلب، والرجفان الأذيني، والسكر، والقلق، والاكتئاب، والسكتة الدماغية، عند الإصابة بها في الأربعينيات أو الخمسينيات أو الستينيات من العمر، يُمكن أن يكون لها تأثير دائم على صحة الدماغ، ووجدت الدراسة أن سن بداية المرض يلعب دورًا حاسمًا، حيث يرتبط التشخيص المبكر بزيادة المخاطر، كما أن الإصابة بأكثر من حالة واحدة، وهو ما يُعرف بتعدد الأمراض، يُمكن أن يُضاعف الخطر، مما يُؤكد أهمية الوقاية المُبكرة والإدارة الصحية الاستباقية.
دراسة أكسفورد تكشف عن المشكلات الصحية المرتبطة بالخرف
حلل الباحثون بيانات أكثر من 280 ألف مشارك في البنك الحيوي البريطاني، ودرسوا توقيت وتركيبة 46 مرضًا مزمنًا، ووجدوا أن ما يصل إلى 80% من مرضى الخرف كانوا يعانون من حالتين صحيتين أو أكثر قبل تشخيصهم، وكان العمر الذي ظهرت فيه هذه الأمراض عاملًا رئيسيًا.. على النحو التالى:
قبل سن 55: أظهرت أمراض القلب والرجفان الأذيني والسكري أقوى ارتباط مع الخرف في وقت لاحق.
بين سن 55 و70 عامًا: كانت السكتة الدماغية والقلق والاكتئاب مرتبطة بشكل وثيق بزيادة المخاطر.
وتشير هذه النتائج إلى وجود “فترات زمنية حرجة” قد يكون لبعض الأمراض خلالها التأثير الأكبر على صحة الدماغ.
6 حالات صحية فى منتصف العمر يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف
أمراض القلب
قد تُسبب أمراض القلب التى تتطور قبل سن الخامسة والخمسين تلفًا دائمًا فى وظائف الدماغ، ويمكن أن يؤدى انخفاض تدفق الدم الناتج عن مشكلات القلب والأوعية الدموية إلى تغيرات هيكلية فى الدماغ، وانكماش، وسكتات دماغية صغيرة (احتشاءات مجهرية)، مما يُضعف الذاكرة والقدرة على التفكير تدريجيًا، ولقد تم ربط ارتفاع ضغط الدم وتصلب الشرايين منذ فترة طويلة بالتدهور الإدراكي، ولكن هذه الدراسة تعزز فكرة أن مشكلات القلب والأوعية الدموية المبكرة تؤثر على صحة القلب والدماغ.
الرجفان الأذينى
وُجد أن الرجفان الأذيني (AFib)، وهو اضطراب فى نظم القلب، يزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف، خاصةً عند تشخيصه في مرحلة مبكرة من الحياة، ويمكن أن يُسبب الرجفان الأذيني جلطات دموية قد تنتقل إلى الدماغ، مما يؤدي إلى سكتات دماغية، بما في ذلك سكتات دماغية صغيرة بدون أعراض تتراكم مع مرور الوقت، ويمكن أن يؤدي ضعف الدورة الدموية الناتج عن الرجفان الأذيني إلى حرمان خلايا الدماغ من الأكسجين، مما يُسرع فقدان الذاكرة والتدهور المعرفي.
داء السكر
يُلحق داء السكر من النوع الثاني الضرر بالأوعية الدموية ويزيد الالتهاب في جميع أنحاء الجسم، بما في ذلك الدماغ، ويمكن أن يُؤثر ارتفاع مستوى السكر في الدم بشكل مزمن على الذاكرة وقدرات التعلم واتخاذ القرارات على مدى سنوات عديدة، وقد توصلت الدراسة إلى أن مرض السكري الذي يتم تشخيصه قبل منتصف العمر كان ضارًا بشكل خاص بصحة الدماغ على المدى الطويل، مما يؤكد الحاجة إلى التحكم المبكر في نسبة السكر في الدم كاستراتيجية وقائية رئيسية.
القلق المزمن
القلق يعتبر حالة صحية يفوق تأثيرها أكثر من مجرد قلق عاطفي، بل له آثار جسدية قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف، ويُحفّز القلق المزمن أو المستمر إفراز هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول، والتي قد تُلحق الضرر بالحُصين، وهي منطقة في الدماغ أساسية مسئولة عن الذاكرة، وقد ربطت الأبحاث بين القلق الذي تم تشخيصه بين سن 55 و70 عامًا وارتفاع خطر الإصابة بالخرف، وربما يرجع ذلك إلى التأثيرات المشتركة للتوتر ومشكلات النوم وغيرها من المشكلات الصحية المصاحبة.
الاكتئاب
يمكن أن يؤدي الاكتئاب إلى تغيرات دماغية ملحوظة، بما في ذلك انخفاض حجم القشرة الجبهية والحُصين، كما أنه يُسبب اضطرابات في النوم والشهية والدافع اليومي، وهي عوامل قد تُسهم، عند استمرارها لفترات طويلة، في التدهور المعرفي، ومن المهم أن تشير النتائج إلى أن الاكتئاب قد لا يكون مجرد أحد الأعراض المبكرة للخرف، ولكنه قد يلعب دورًا سببًا في زيادة المخاطر، وخاصة عندما يتطور في منتصف العمر.
السكتة الدماغية
برزت السكتة الدماغية كأحد أقوى مؤشرات الخرف في أبحاث أكسفورد، وسواءً كانت السكتات الدماغية شديدة أو طفيفة، فإنها تُلحق الضرر بأنسجة الدماغ وتُعطل الروابط بين مناطقه، وقد وُجد أن السكتات الدماغية التي تحدث بين سن 55 و70 تُضاعف خطر الإصابة بالخرف، لذلك يُمكن للوقاية من خلال ضبط ضغط الدم، وإدارة الكوليسترول، وممارسة النشاط البدني المنتظم أن تُحدث تأثيرًا كبيرًا في الحد من حالات الخرف.
عادات نمط الحياة التى يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالخرف
مع أن هذه الحالات الستة تُعد مخاوف طبية، إلا أنها غالبًا ما ترتبط بخيارات نمط الحياة التي يمكن تعديلها، وتُظهر الأبحاث بشكل متزايد أن العادات اليومية تؤثر على صحة الدماغ، على النحو التالى:
قد تؤدى قلة النوم في منتصف العمر إلى تغييرات بنيوية في الدماغ.
يؤدي الإجهاد المزمن ومستويات الكورتيزول المرتفعة إلى ضعف الذاكرة وتقليص حجم المخ.
تؤدي الأنظمة الغذائية غير الصحية، وخاصة تلك التي تحتوي على نسبة عالية من السكر والأطعمة شديدة المعالجة، إلى زيادة الالتهابات وزيادة خطر الإصابة بالخرف.
يساهم الخمول البدني أو قلة النشاط البدنى في تلف الأوعية الدموية ومقاومة الأنسولين وانخفاض مرونة الدماغ.
تؤدي العزلة الاجتماعية إلى تسريع التدهور المعرفي، مما يجعل المشاركة الاجتماعية عامل حماية مهم.
طرق الوقاية المبكرة من الخرف.. لماذا تعد حماية صحة الدماغ في منتصف العمر أمرًا بالغ الأهمية؟
تُحوّل الدراسة النقاش حول الوقاية من الخرف من مراحل الحياة المتقدمة إلى منتصف العمر، حيث ينبغي أن تبدأ حماية صحة الدماغ في الأربعينيات، خاصةً إذا كانت الأمراض المزمنة موجودة بالفعل، ووفقًا للباحثين، قد يكون التعامل مع مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية في مرحلة مبكرة من العمر، تليها معالجة مشكلات الصحة العقلية والعصبية في منتصف العمر، النهج الأكثر فعالية.
اتخاذ إجراءات لصحة الدماغ
مع أنه لا يمكنك تغيير جيناتك أو عمرك، إلا أنه يمكنك اتخاذ خطوات لإدارة الحالات الصحية التي تزيد من خطر الإصابة بالخرف، وهذا يتطلب مراقبة مستويات ضغط وسكر الدم والكوليسترول باستمرار والبحث عن العلاج المبكر للقلق والاكتئاب، مع الحرص على النشاط البدنى وتجنب الخمول والعزلة الاجتماعية، مع إعطاء الأولوية للنوم الجيد والنظام الغذائي المتوازن.
تعليقات الزوار ( 0 )